النسبية المطلقة ومفهوم الحقيقة

Posted: 03/10/2010 in فلسفتي
الوسوم:, , ,

بسم الله الرحمن الرحيم

ما هي الحقيقة ؟

عادة نصف معلومة أنها حقيقية إذا اقتنعنا بصحتها وقد يبدو هذا السؤال بسيطاً للبعض إلى حد البديهية، (الحقيقة هي الحقيقة!)  لكن بنظرة سريعة على تاريخ الحقائق في مختلف المجالات العلمية والثقافية والدينية وغيرها، فقد تم نقض الكثير من المسلمات الغير قابلة للطعن!

تراجعات تاريخية:

  • لم يصدق أحداً جاليليو عندما ادعى بأن الأرض وجميع الكواكب هي التي تدور حول الشمس ! بل اتهم الهرطقة واضطر إلى إعلان توبته تحت التهديد بالقتل!
  • هدم ألبرت إينشتاين الكثير من مفاهيم الفيزياء السائدة في ذلك العصر، فانكر وجود الأثير (ether)، بل وهدم الفيزياء الكلاسيكية (النيوتنية) وأعاد بنائها من الأساس!
  • منذ ثلاث قرون كان الشذوذ الجنسي في بريطانيا جريمة يعاقب عليها القانون بالإعدام شنقاً، أما الآن فالقانون البريطاني يسمح بالزواج المثلي!

والأمثلة كثيرة ولاتحصى …

النسبية المطلقة :

فالحقائق موجودة، ولكن فهمنا وعقلنا -الذي هو أداة تقييمنا للحقائق- في تطور وتغير مستمر، وبالتالي لايمكننا التأكد من صحة أي معلومة بشكل مطلق، ولا وجود لحقيقة ثابتة مطلقة، وكل الحقائق البشرية يمكن أن تتغير مع الزمن، وهذا ما يؤمن به ما بعد الحداثيون، فكل الأمور المحكومة بالعقل البشري نسبية، وهي حقيقية إلى حد معين، وهذا الحد مهما كان كبيراً فهو ليس مطلقاً، ولكن عقلنا وعلمنا قد يكونا قاصرين في الوقت الحالي عن إدراك ذلك.

مقياس الحقيقة :

دقة حكمك على صدق معلومة أو كذبها، تحدده عوامل كثيرة، كمصدر المعلومة ومدى صدقه وعلمه والأدلة والبراهين الملموسة  وغير الملموسة ومعرفتك بهذا المجال وعلمك فيه … وهي مهارة هامة يجب على الجميع تنميتها وصقلها باستمرار، حيث تساعدك على تمييز الكذب من الصدق، وفصل المعلومة المجردة عن التضخيم والمبالغة والدعاية والتشويه.

فعندما يقال لمبرمجٍ أن الكمبيوتر يعطي نتائج خاطئة، يعرف في قرارة نفسه أن الخطأ في الغالب سببه الشخص الجالس أمام الكمبيوتر وليس الكمبيوتر نفسه!

وهي أساساً مرتبطة بالعلم فكلما زادت معرفة وعلم صاحب المعلومة في الموضوع كلما زادت ثقتك بصحتها وبقربها من الحقيقة. فماذا لو كانت هذه المعلومة من عالم في هذا المجال؟ لربما كنت لتصدقه بشدة، فماذا لو كانت هذه المعلومة من الله عز وجل العالم بكل شيء ؟!

لو أنها كانت الحقيقة متحولاً رياضياً حقيقياً لوجدنا أنه عندما يكون العلم لا نهائياً فالحقيقة ستكون لانهائية كذلك.

فالحقائق المطلقة الوحيدة هي الحقائق الإلهية التي أخبرنا بها الله عز وجل في القرآن الكريم وأخبرنا بها عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هذا هو مفهومي للحقيقة، هل توافقني الرأي ؟ وما هو مفهومك للحقيقة ؟

التعليقات
  1. الفتح كتب:

    تسير الان موجات تعتمد على هذه الحقيقة المطلقة ! لكن مشكلتها أنها تخطئ و(بفرض) بحسن النية في التفسير .. فتصبح الحقائق زيفا والبديهيات دسائس .. وتصبح كلمات الحق هنا مراد بها باطل !!
    هو أمر أخبرنا به عليه الصلاة والسلام يحدث الآن في آخر الزمان أجارنا وأجاركم رب العزة من الفتن كلها , ما ظهر منها وما بطن!
    لاتنسى أهواء التصديق ! لاتنسى أهواء شد الحقيقة المدمغة كل لمصلحته !
    تحياتي

  2. Bart كتب:

    مدونة رائعة ..
    ولكن لي بعض التعليقات ارجو ان تتقبلها بصدر رحب ..

    عند ذكرك ان الحقيقة المطلقة هي الحقيقة الالهية .. قمت – باعتقادي – اما بارتكاب خطا باستخدام الالفاظ .. او خطا بالفكرة ككل .. و هو ما سيوضحه كلامي :

    1- حصرت الحقيقة المطلقة ب “حقائق الإلهية التي أخبرنا بها الله عز وجل في القرآن الكريم وأخبرنا بها عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم” و مأخذي على ما ذكر ان الله لا يناقض نفسه بانزال شرع يناقض شرعا انزله سابقا .. فلو ذكرت ان الحقيقة المطلقة هي جوهر الاديان جميعها .. و هي الحب .. حب بعضنا و حب الله .. و كل ما يتفرع عن ذلك من فرائض و افعال .. لكان افضل و اعم ..

    وهذا ما ياخذني الى النقطة الثانية :
    2- مازالت الحقيقة الموضوعة في الكتب الدينية -سماوية كانت ام ارضية- متحولا استعصى حله على الجميع .. فالاسلام فرق .. و المسيحية فرق .. و الله اعلم بحال الاديان الاخرى .. مما يوصلنا الى ان الحقيقة طرحها لنا الله في كتابه .. ما زالت بعيدة عن كونها مطلقة .. بسبب اختلاف درجات فهمنا لهذه الحقيقة .. فكلنا يستطيع ان يركز على عدة اجزاء .. ولكن القلة القليلة هي التي استطاعت ات ترى الصورة كاملة ..

    لم يكن كلامي هذا ليكتب .. لو كنا نعيش في عالم مثالي .. لاني كنت ساتفق معك بجميع الاحوال ..

    الحقيقة المطلقة (بالنسبة لي على الاقل) .. هي ان الحقيقة المطلقة ليست مطلقة .. انما هي في حالة تغير .. نراها من الزاوية التي تعجبنا .. غالبا ما تشوهها احكامنا او بيئتنا .. و هي شي كلنا يتفق على ان يختلف عليه ..

  3. hossam6006 كتب:

    شكراً لتعليقكما !

    @ الفتح: نعم … ربما نحن بآخر الزمان حقاً !

    @ Bart:
    حصرتُ الحقيقة المطلقة بالله عز وجل بناءً على أنه صاحب العلم المطلق، وأما التناقضات فلا يمكن وجودها عنده سبحانه! فاختلافات التشريع بين الأديان موجودة، وعدم إدراكك لحكمة الله من ذلك، لا يعني وجود تناقض! وتفرق الناس في فهم الحقائق الإلهية، لا يغير شيئاً من الصحة المطلقة لهذه الحقائق! بل هذا يدل مرة أخرى على نسبية الحقائق غير الإلهية ففهم البشر لها ليس ثابتاً ومتساوياً على مر العصور.

    • Bart كتب:

      كلامك رائع .. و منطقك رائع..

      انا كنت اتكلم من المنظور البشري للموضوع .. اي كيف سنرى الموضوع كبشر؟؟ .. و ما هي الثغرات التي جعلت كلامك ( من منظوري البشري ) قابلا للمناقشة..

      على أي حال .. لي عودة ..
      حتى ذلك الوقت .. اتمنى لك الصحة

  4. علاء كتب:

    أؤيد وبشدة
    بل والأمثلة في حياتنا كثيرة جداً
    اليوم تجهل شيء ما فتحكم على شخص ما بأنه يهذي بما لا علم له به
    غداً تعلم فتعرف أن ذلك الشخص كان عبقرياً وأنك كنت جاهل
    اليوم تنظر إلى فعل على أنه قمة الإيثار البشري
    غداً تتسع نظرتك للحياة فترى أنه قمة الأنانية وحب النفس وربما العكس

    تحياتي

  5. […] وبتعميم مفهوم النسبية المطلقة الذي تحدثت عنه مسبقاً، يمكنك التخلص من عقدة […]

  6. حرزالله كتب:

    مقال منطقي جدا ، انا اؤمن ان النسبية هي الشيء الوحيد المطلق ..

    طرحت قبل مدة افكارا مشابهة ، يسعدني ان تلقي نظرة :

    النسبية المطلقة ، قانون اينشتاين يصلح لكل الحياة
    http://www.nobzz.com/?p=517

    تحياتي لك ،،

  7. الوالد كتب:

    أنا أصدق اأن النسبة هي: الشئ الحيد المطلق

  8. nzramama كتب:

    السلام على من اتبع الهدى
    انا بصدد تأليف كتاب في هذا الشأن وأسأل الله الثبات والسداد في القول والعمل، وأن يغفر لي ذنوبي وبعدي عنه…
    لقد وجدت نفسي بعد أن من الله عز وجل عليا بمعرفته..
    وهذا الكلام ليس تخاريف تصوف ولا تزييف تتفلسف. .
    لقد قمت بعملية نقد دقيقة وبحث شفاف في جميع أنواع المعارف المتاحة والتفكير المحايد والمسؤول واستعمال العقل والمنطق والنظر في العلوم وما توصلت إليه من اكتشافات سواء كان في باطن المادة المتناهية في الصغر أو في سعة الكون المتعاظم في الكبر والتفكر في كل هذه الآيات
    توصلت إلى الدليل الموضوعي والمطلق الذي يقودنا بالإستدلال العقلي ومناقشة كل اﻷفكار والشكوك والرد عليها، توصلت بهذا الدليل إلى الحقيقة المطلقة ألا وهي رسالة الله عز وجل إلينا وهي الشيئ الوحيد الذي ليس بمخلوق وهو معنا بين أيدينا نتلوه لنستخرج منه الحجة الدامغة التي لا يمكن تكذيبها ولا ردها إلا بالكفر والجحود…
    ولست ادعي أو أزعم، لقد كانت إجابتي على شرط علماء العلوم البحتة و الفلاسفة الذين وضعوا هذه اﻷسئلة والشبهات الواهية والغير مترابطة منطقيا. ..
    ولا أرى فضلا لي في كل هذا، إن الفضل كله لله عز وجل
    إلا فاعلموا أن معتقدي الذي انتهيت
    أن الحق المطلق هو الله عز وجل ، وأن فوق هذا الوجود العظيم قادر قدير مقتدر، وكل ما علم أو لم يعلم أو ما كان وما هو كائن وما سيكون في هذا الوجود ماهو إلا قدره وقدرته التي هي أعظم مما قدر..
    والحقيقة المطلقة هي القرآن
    وبالرغم من أن فهمنا نسبي له فإنه لا يقدح في إطلاقه بل يعاضده ويؤكده..
    وعندي تعريفات جديدة ومؤكدة لبعض المفاهيم والإصطلاحات
    وحتى الإيمان وجدت له تعريف وبرهان عقلي لا يمكن أن يشكك فيه …
    وعملية نقد مقارنة بين المعارف ببعضها تثبت لك إن كنت موضوعيا صدق التوقع وصحة النتيجة… ولا يعاند فيها إلا مكابر
    وأتمنى من الله أن يديم علينا الصحة والوقت الكافي حتى أعيد عملية تجريد كل ما قرأته لأدون المصادر والمراجع وأبدأ عملية تحرير لا أدري كم تتطلب. ..
    ولن أ كشف اﻵن عن هذه الوسيلة حتى يكتب لهذا الكتاب النشر بإذن الله. ..
    لا أطلب من المخلصين للحق تعالى إلا الإخلاص في الدعاء لي بالتوفيق والعفو وان يشفيني ويتم نعمته عليا بحفظ كتابه والعمل به.
    وليعلم الجميع أن صيحة الحق التي صدع بها اﻷنبياء عليهم السلام ” أن اعبدوا الله مالكم من إله غيره” هي أحق ما قيل
    وكل الهدى والتقى في هذا “وإن تطيعوه تهتدوا”

    ونصيحة إلى كل مسلم ليس له من التمكن من معرفة العقيدة السليمة وأصول الدين أو من الإمكانيات المعرفية ما يخول له الرد على الشبهات أن لا يلقي نفسه فيها وخاصة شبهات من قبلنا من الديانات المحرفة أو من الشكوك التي وضعها الفلاسفة (فقد فعلت بي الأفاعيل لما كنت خال من كل معرفة)
    فالأسلم أن يبتعد عنها أو يرجع للعلماء
    وإن الخير كل الخير وكل الهدى في كتاب الله وصحيح سنة نبيه
    لا تنزاحوا عنهما قيد أنملة، أو تبتغوا في غيرهما الهدى
    فإنها شر، إن لم يكن علم لا ينفع فإنه معرفة قد تضر
    اللهم إني بلغت

أضف تعليق